فصل: الجزء الخامس عشر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


الجزء الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه

 ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن القادر بالله قبض على أبي الحسن علي بن عبد العزيز في يوم السبت لليلة بقيت من رمضان وقلد كتابته أبا العلاء سعيد بن الحسن بن تريك فأقام على خدمته نيفًا وسبعين يومًا ثم صرفه وأعاد أبا الحسن‏.‏

وفي يوم الخميس خامس عشر ذي الحجة وافى برد شديد وجمد الماء منه جمودًا ثخينًا لم يعهد مثله حتى جمدت جوب الحمامات وبول الدواب والخيل والنبيذ‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ جلس القادر بالله للرسولين الواردين من أبي طالب رستم بن فخر الدولة وأبي النجم بدر بن حسنويه وكنى أبا طالب ولقبه مجد الدولة وكهف الأمة وكنى أبا النجم ولقبه نصر الدولة وعهد لأبي طالب على الري وأعمالها وعقد له لواء وحمل إليه الخلع السلطانية الكاملة وعهد لبدر على أعماله وتصرف بالجبل وعقد له لواء وحمل إليه الخلع الجميلة وذلك بسؤال بهاء الدولة كتابه‏.‏

فأما مجد الدولة فإنه لبس الخلع وتلقب وأما بدر الدولة فقد كان سأل أن يلقب بناصر الدولة فلما عدل به عنه توقف عن اللقب ثم أجيب فيما بعد سؤاله فلقب بناصر الدين والدولة‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ هرب عبد الله بن جعفر المعروف بابن الوثاب من الاعتقال وكان منتسبًا إلى الطائع فلما قبض على الطائع وخلع هرب هذا وتنقل في البلاد وصار إلى البطيحة وأقام عند مهذب الدولة ثم خرج وتنقل فنفذ القادر من أحضره مقبوضًا عليه وحبس وهرب فمضى إلى كيلان وادعى أنه هو الطائع لله وذكر لهم علامات عرفها بحكم أنسه بدار الخلافة فقبلوه وعظموه وزوجه محمد بن العباس أحد أمرائهم ابنته وشد منه وأقام له الدعوة في بلده وأطاعه أهل نواح أخر وأدوا إليه العشر الذي يؤدونه إلى من يتولى أمر دينهم ثم ورد قوم منهم إلى بغداد فانكشف لهم حاله فانصرف عنهم‏.‏

الحسين بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن بكير أبو عبد الله الصيرفي ولد سنة سبع وعشرين وثلثمائة وسمع إسماعيل الصفار أبا عمرو بن السماك والنجاد والخلدي وأبا بكر الشافعي‏.‏

روى عنه ابن شاهين والأزهري والتنوخي وكان حافظًا وروى حديثًا فكتبه عنه الدارقطني وابن شاهين‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ قال لي الأزهري‏:‏ كنت أحضر عند أبي عبد الله بن بكير وبين يديه أجزاء كتاب قد خرج فيها أحاديث فأنظر في بعضها فيقول‏:‏ أيما أحب إليك تذكر لي متن ما تريد من هذه الأحاديث حتى أخبرك بإسناده أو تذكر لي إسناده حتى أخبرك بمتنه فكنت أذكر له المتون فيخبرني بالأسانيد من حفظه كما في كتابه وفعلت هذا مرارًا كثيرة‏.‏

قال‏:‏ وكان ثقة فحسدوه فتكلموا فيه‏.‏

قال الخطيب‏:‏ وممن تكلم فيه ابن أبي الفوارس فقال‏:‏ كان يتساهل في الحديث ويلحق في أصول المشايخ ما ليس فيها ويصل المقاطيع ويزيد الأسماء في الأسانيد توفي في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

عبد العزيز بن يوسف كان كاتب الإنشاء لعضد الدولة ثم وزر لابنه بهاء الدولة خمسة أشهر وكان يقول الشعر وتوفي في شوال هذه السنة‏.‏

صمصام الدولة ابن عضد الدولة خرج عليه أبو نصر بن بختيار فأراد الصعود إلى القلعة فلم يفتح له حافظها فراسل الأكراد وتوثق فيهم وسار معهم بخزائنه وذخائره فلما بعدوا به عطفوا فنهبوا جميع ما صحبه وهرب فوافاه أصحاب ابن بختيار فقتلوه وذلك في ذي الحجة من هذه السنة وكانت مدة عمره خمسًا وثلاثين سنة وسبعة أشهر وترك رأسه في طست بين يدي ابن بختيار فقال‏:‏ هذه سنة سنها أبوك‏.‏

عبيد الله بن عمرو بن محمد بن المنتاب أبو القاسم الهمذاني ولد سنة إحدى وثلثمائة وسمع ابن صاعد وابن السماك روى عنه التنوخي والعتيقي وكان ثقة وتوفي في هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفرج المقرئ غلام الشنبوذي ولد في سنة ثلثمائة وروى عن أبي الحسن بن شنبوذ وغيره كتبًا في القراءآت وتكلم الناس في رواياته وأساء الدارقطني القول فيه والثناء عليه‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ سمعت أبا الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفي يذكر أبا الفرج الشنبوذي فعظم أمره ووصف علمه بالقراءات وحفظه للتفسير وقال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن توفي أبو الفرج الشنبوذي في صفر هذه السنة وقيل‏:‏ في سنة سبع وثمانين‏.‏

محمد بن أحمد بن محمي أبو بكر الجوهري ولد سنة إحدى وثلثمائة وسمع البغوي‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ سألت الأزهري عنه فقال‏:‏ ثقة وكذلك قال العتيقي‏:‏ ثقة مأمون توفي في شعبان هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسن بن أحمد بن قشيش أبو بكر السمسار سمع إسماعيل بن محمد الصفار وأبا عمرو بن السماك وأبا بكر النجاد والخلدي وكان صدوقًا من أهل القرآن ويذهب في الفقه مذهب أحمد بن حنبل وتوفي أول محرم هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسن بن جعفر بن محمد البحيري قدم بغداد وحدث بها روى عنه القاضي أبو العلاء الواسطي‏.‏

محمد بن الحسن بن عبدان بن الحسن بن مهران أبو بكر سمع البغوي وابن صاعد والمحاملي‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ حدثني عنه عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي وسألته عنه فقلت‏:‏ أكان ثقة فقال‏:‏ فوق الثقة توفي في هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسن ابن محمد بن أحمد ابن محمويه حدث ببغداد عن البغوي وابن مجاهد وأبي بكر وأبي داود روى عنه القاضي أبو عبد الله الصيمري‏.‏

الحاتمي روى عن أبي عمر الزاهد وغيره‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ حدثني عنه علي بن المحسن التنوخي قال لي‏:‏ مات يوم الأربعاء لثلاث بقين من ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه انقض في يوم الأحد لعشر بقين من ربيع الأول كوكب كبير ضحوة النهار‏.‏

وفي يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى خلع على الشريف أبي الحسن محمد بن علي بن الحسن الزينبي ولقب نقيب النقباء وقد كانت جرت عادة الشيعة في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب وتعليق الثياب وإظهار الزينة في يوم الغدير وإشعال النيران في ليلته ونحر جمل في صبيحته فأرادت الطائفة الأخرى من أهل السنة أن تعمل في مقابلة هذا شيئًا فادعت أن اليوم الثامن من يوم الغدير كان اليوم الذي حصل فيه النبي صلى الله عليه وسلم في الغار وأبو بكر معه فعملت فيه مثل ما عملت الشيعة في يوم الغدير وجعلت بإزاء يوم عاشوراء يومًا بعده بثمانية أيام نسبته إلى مقتل مصعب بن الزبير وزارت قبره بمسكن كما يزار قبر الحسين عليه السلام وكان ابتداء ما عمل يوم الغار يوم الجمعة لأربع بقين من ذي الحجة‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ وافى برد شديد مع غيم مطبق وريح معزق متصلة فهلك من النخل في سواد بغداد ألوف كثيرة وسلم ما سلم ضعيفًا فلم يرجع إلى حاله وحمله إلا بعد سنين‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس‏:‏ أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر وكذلك إلى سنة ثلاث وتسعين وحج الشريفان الرضي والمرتضى واعتاقهم ابن الجراح الطائي فأعطوه تسعة آلاف دينار من أموالهم‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الحسن بن علي بن أحمد بن عون أبو محمد الحريري سمع القاضي المحاملي وحدث عنه العتيقي وقال‏:‏ توفي في جمادى الأولى من سنة تسع وثمانين وثلثمائة وكان ثقة‏.‏

السرخسي المقرئ الفقيه المحدث شيخ عصره بخراسان قرأ على ابن مجاهد وسمع البغوي وابن صاعد وغيرهما وتفقه على أبي إسحاق المروزي وتعلم الأدب من أبي بكر ابن الأنباري وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن ست وتسعين سنة‏.‏

عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن سليمان بن مخلد بن إبراهيم بن مروان أبو القاسم البزاز ابن حبابة ولد ببغداد سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع البغوي وابن أبي داود وكان ثقة مأمونًا وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة وصلى عليه أبو حامد الإسفرايني ودفن في تربة ملاصقة لسور باب البصرة مقابل جامع المنصور‏.‏

عبد الله بن عتاب بن محمد بن عبد الله القاسم العبدي سمع الحسين بن إسماعيل المحاملي‏.‏

روى عنه أبو العلاء الواسطي وانتقى عليه الدارقطني جزءًا وكان ثقة مأمونًا توفي في هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن خليفة بن شداد روى عنه الأزهري وكان صدوقًا ثقة توفي في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة تسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه ظهر في أرض سجستان معدن الذهب كانوا يحفرون فيه آبارًا ويخرجون من التراب الذهب الأحمر‏.‏

ومن الحوادث أنه‏:‏ في يوم الخميس لسبع بقين من شوال قلد القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي مدينة المنصور مضافة إلى الكرخ والكوفة وشقي الفرات وقلد القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأكفاني الرصافة وأعمالها عوضًا عن المدينة التي كان يليها وقلد القضاء أبو الحسن الخرزي الواسطي طريقي دجلة وخراسان مضافًا إلى عمله بالحضرة وقرئت عهودهم على ذلك وولي أبو خازم محمد بن الحسن الواسطي القضاء بواسط وأعمالها وقرئ عهده بالموكب بدار الخلافة وكتب الإمام القادر بالله لمحمد بن عبد الله بن الحسن وقد ولاه بلاد جيلان كتابًا اختصرته وفيه‏:‏ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن الحسن حين بلا حقائق أخباره استشف مواقع آثاره وأنهى إلى أمير المؤمنين رسوخه في العلم وسمته بالفهم فاستخار الله عز وجل فيما يعتمده عليه وسأله التسديد فيما يفوضه إليه فقلده الصلاة والخطابة على المنابر والقضاء والحكم ببلاد جيلان أسودها وأبيضها وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله عليه توكله وإليه في كل حال موئله وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل أمره بخشية الله فإنها مزية العلماء ومراقبته فإنها خاصة الأدباء وتقواه ما استطاع فإنها سكة من أطاع وجنة من تجاذبه الأطماع وأن يأخذ لأمر الله أهبته ويعد له عدته ولا يترخص فيه فيفرط ولا يضيع وظيفة من وظائفه فيتورط وأن يستعمل نفسه في المهل ويؤذنها بقرب الأجل ولا يغرها أنه منتظر وإن عصى فيغفر فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير‏}‏‏.‏

وأمره بقراءة القرآن وتلاوته والمحافظة عليه ودراسته وأمره بمداومة الطهر فإنه أمان من الفقر ولا يقنع به في الجوارح أو أن يكون مثله فيما بين الحوائج‏.‏

فإن النقاء هناك هو النقاء الذي يتم به البهاء وحينئذ تكمل الطهارة وتزول الأدران وأمره بمراقبة مواقيت الصلاة للجمع فإذا حانت سعى إليها وإذا وجبت جمع عليها بالأذان الذي يسمع به مؤذنوه الملأ والإقامة الذي يقوم به فرض الله عز وجل وأمره بالإحسان في الموعظة مستقصيًا للمناصحة وأمره بالنداء على المنابر وفي سائر المحافل والمعاقل بالشعار الأعلى والفرض الأوفى من ذكر دولة أمير المؤمنين وحث الأمة على طاعته أجمعين قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏}‏‏.‏

وأن يديم التصفح لأحوال البلاد التي ولي فيها ما وليه من قواعد الشريعة وليقابل نعمة الله بشكر الصنيعة فإن وجد فيها نافرًا عن فريضة الدعوة الشريفة القادرية اجتذبه إليها بالموعظة الحسنة والدلالة الصريحة فإن استبصر لرشده وراجع المفروض بجهده فقد فاز وغنم وإن تشاوس وعند استنفر عليه الأمم وقمعه بما يوجبه الحكم‏.‏

وأمره بصلوات الأعياد والخسوف والاستسقاء وأمره أن يكون لأمر الله متأهبًا ولنزول الموت مترقبًا ولطروقه متوقعًا وأمره أن يخلي من فوضه إليه من ظهير يستنيبه وأمره أن يتبع شرائع الإسلام وأن يواصل تلاوة القرآن ويستنبط منه ويهتدي به فإنه جلاء للبصائر ومنار الحكم ولسان البلاغة وأمره أن يخلي ذهنه إذا انتدب للنظر ويقضي أمامه كل وطر ويأخذ لجوارحه بحظ يعينها فإن القلب إذا اكتنفته المآرب يعرض له التعب وأمره بالجلوس للخصوم في مساجد الجوامع ليتساووا في لقائه وأن يقسم لحظه ولفظه بين جمهورهم‏.‏

وأمرهم بالنظر في الأمور بالعدل وأمره بانتخاب الشهود والفحص عن أحوالهم وأمره بالتناهي في تفقد الأيتام فإنهم أسراء الإسلام وأمره بتعهد الوقوف وإجراء أحوالها على ما يوجبه التوقيف من أربابها‏.‏

هذا عهد أمير المؤمنين إليك وحجته المنعم بها عليك وتذكرته المستودعة فوائد توفيقه فانصب لمحاورته وأصغ لمخاطبته واغرس مواعظه في قلبك تجن من ثمرها الفوز عند ربك ‏"‏‏.‏

وكتب علي بن عبد العزيز بن إبراهيم في شهر ربيع الأول سنة تسعين وثلثمائة‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن محمد بن أبي موسى أبو بكر الهاشمي القاضي ولد سنة خمس عشرة وثلثمائة‏.‏

سمع من جماعة وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني وكان مالكي المذهب ثقة مأمونًا وتقلد قضاء المدائن وسر من رأى ونصيبين وديار ربيعة وغيرها من البلاد وتولى خطابة جامع المنصور مدة وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في داره‏.‏

ابن جنيقا كذا ذكره الخطيب بالنون وهو جد القاضي أبي يعلى ابن الفراء لأمه‏.‏

قال أبو علي البرداني‏:‏ قال لنا القاضي أبو يعلى الناس يقولون جنيقًا بالنون وهو غلط إنما هو جليقا باللام‏.‏

روى عنه الأزهري والعتيقي وكان صحيح السماع ثبت الرواية قال محمد بن أبي الفوارس‏:‏ كان ثقة مأمونًا حسن الخلق ما رأينا مثله في معناه وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

الحسين بن محمد بن خلف أبو عبد الله الفراء أحد الشهود المعدلين وهو والد القاضي أبي يعلي حدث عن جماعة‏.‏

روى عنه ابنه أبو خازم محمد بن الحسين وكان رجلًا صالحًا على مذهب أبي حنيفة توفي في شعبان هذه السنة‏.‏

عبد الله بن أحمد بن علي بن أبي طالب أبو القاسم البغدادي ولد سنة سبع وثلثمائة ونزل مصر وروى بها الحديث عن جماعة فسمع عنه عبد الغني بن سعيد وكان ثقة وتوفي في محرم هذه السنة‏.‏

الكتاني ولد سنة ثلثمائة وسمع البغوي وابن صاعد وابن مجاهد وغيرهم روى عنه الأزهري والخلال وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد أبو الحسن الزجاج الشاهد حدث عن حبشون بن موسى الخلال روى عنه التنوخي وقال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ ولدت في رمضان سنة خمس وتسعين ومائتين‏.‏

وكان نبيلًا فاضلًا من قراء القرآن وتوفي في هذه السنة‏.‏

محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون أبو الحسين الدقاق ابن أخي ميمي سمع البغوي وروى عنه الأزهري والعشاري‏.‏

ولد يوم الثلاثاء عاشر صفر سنة أربع وثلثمائة ولم يزل يكتب الحديث إلى أن مات وكان ثقة مأمونًا دينًا فاضلًا وكان حسن الأخلاق مكث أربعًا وأربعين سنة لم ينم على ظهر سطح‏.‏

وتوفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شعبان هذه السنة‏.‏

محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن أبو الحسن العلوي الكوفي ولد في سنة خمس عشرة وثلثمائة وسمع أبا العباس بن عقدة‏.‏

روى عنه أبو العلاء الواسطي والخلال‏:‏ سكن بغداد وكان المقدم على الطالبيين في وقته مع كثرة المال والضياع وكان يخدم عضد الدولة وناب عن بني بويه وكانت داره تلي قصر بني المأمون وكان عضد الدولة يغيظه منه كثرة ماله وعلو همته ونفوذ أمره ولما دخل عضد الدولة إلى بغداد سنة سبعين قال له‏:‏ امنع العوام من لقائنا بالدعاء والصياح ففعل فعجب من طاعة العوام له‏.‏

ولما ورد رسول القرامطة إلى الكوفة أمر عضد الدولة وزيره المطهر بن عبد الله أن يتقدم إلى الشريف أبي الحسن ليكاتب نوابه بالكوفة بإنزال الرسول وإكرامه فتقدم بذلك سرًا إلى صاحبه وكتب على طائر كوفي بما رسم ووصل الطائر وكتب الجواب على بغدادي وأتاه رسوله بالرقعة وما مضى غير ساعات فقال له الوزير‏:‏ أمرك الملك عضد الدولة بأمر فأخرته فينبغي أن تنهض إلى دارك وتقدم بمكاتبة نوابك حتى يعود الجواب في اليوم السادس وتعرضه عليه فقال له‏:‏ كتبت وورد الجواب وعرضه عليه ودخل إلى عضد الدولة فأخبره فانزعج لذلك وبلغه أنه طوق قنينة بلور للشرب بحب قيمته مائة ألف دينار فنقم عليه لذلك ورأى عضد الدولة في روزنامج ألف ألف وثلثمائة ألف باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته بفارس فاعتقله بها واستولى على أمواله فبقي في الاعتقال سنين حتى أطلقه شرف الدولة أبو الفوارس ابن عضد الدولة فأقام معه وأشار عليه بطلب المملكة فتم له ذلك ودخل معه بغداد وتزايدت حاله في أيامه‏.‏

ورفع أبو الحسن علي بن طاهر عامل شقي الفرات إلى شرف الدولة أن ابن عمر زرع في سنة ثمان وسبعين ثمانمائة ألف جريب وأنه يستغل ضياعه ألفي ألف دينار فدخل ابن عمر على شرف الدولة فقال‏:‏ يا مولانا والله ما خاطبت بمولانا ملكًا سواك ولا قبلت الأرض لملك غيرك لأنك أخرجتني من محبسي وحفظت روحى ورددت علي ضياعي وقد أحببت أن أجعل النصف مما أملكه لولدك وجميع ما بلغك عني صحيح‏.‏

فقال له شرف الدولة‏:‏ لو كان ارتفاعك أضعافه كان قليلًا لك وقد وفر الله عليك مالك وأغنى ولدي عن مداخلتك فكن على حالك وهرب ابن طاهر إلى مصر فلم يعد حتى مات ابن عمر وصادر بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة الشريف أبا الحسن على ألف ألف دينار عينًا وأخذ منه شيئًا آخر واعتقله سنتين وعشرة أشهر ولزمه يوم إطلاقه تسعون ألف دينار ثم استنا به ببغداد‏.‏

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن عن أبيه قال‏:‏ حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد الاسكافي قال سمعت الشريف أبا الحسن محمد بن عمر العلوي يقول‏:‏ أنه لما بنى داره بالكوفة وكان فيها حائط عظيم العلو فبينا البناء قائم على أعلاه لإصلاحه سقط إلى الأرض فارتفع الضجيج استعظامًا للحال لأن العادة لم تجر بسلامة من يسقط من مثل ذلك الحائط فقام الرجل سالمًا لا قلبة به وأراد العود إلى الحائط ليتم البناء أعلى الحائط فقال له الشريف أبو الحسن‏:‏ قد شاع سقوطك من أعلى الحائط وأهلك لا يصدقون سلامتك ولست أحب أن يردوا إلى بابي صوارخ فامض إلى أهلك ليشاهدوا سلامتك وعد إلى شغلك فمضى مسرعًا فعثر بعتبة الدار التي للباب فسقط ميتًا‏.‏

توفي الشريف لعشر خلون من ربيع الأول من هذه السنة وعمره خمس وسبعون سنة ودفن في حجرة بدرب المنصور بالكرخ وحضر جنازته الوزير أبو نصر سابور وأخذ من تركته خمسين ألف دينار ونصف أملاكه وارتفع لورثته ألفا كر ومائتان أصنافًا وتسعة عشرة ألف دينار ثم نقل إلى الكوفة فدفن بها وحضرنا جنازته‏.‏

محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد الكشي الجرجاني وكش قرية من قرى جرجان على طريق الجبل معروفة على ثلاثة فراسخ من جرجان سمع من أبي نعيم الاسترباذي ومكي بن عبدان وكان يفهم ويحفظ وحدث ببغداد وأملى بالبصرة وانتقل إلى مكة فحدث بها سنين إلى أن توفي في هذه السنة بها‏.‏

المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن داود أبو الفرج النهرواني القاضي ابن طراز ولد سنة خمس وثلثمائة وكان عالمًا بالنحو واللغة وأصناف الآداب والفقه وكان يذهب مذهب محمد بن جرير الطبري وحدث عن البغوي وابن صاعد وخلق كثير‏.‏

وكان ثقة وناب في القضاء وهو صاحب كتاب الجليس والأنيس وكان أبو محمد يقول‏:‏ إذا حضر المعاني فقد حضرت العلوم كلها ولو أن رجلًا أوصى بثلث ماله لأعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافى‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني أحمد بن عمر بن روح أن المعافى بن زكريا حضر في دار لبعض الرؤساء وكان هناك جماعة من أهل العلم والأدب فقالوا له‏:‏ في أي نوع من العلم نتذاكر فقال المعافى لذلك الرئيس‏:‏ خزانتك قد جمعت أنواع العلوم وأصناف الأدب فإن رأيت بأن تبعث بالغلام إليها وتأمره أن يفتح بابها ويضرب بيده إلى أي كتاب قرب منها فيحمله ثم نفتحه وننظر في أي نوع هو فنتذاكره ونتجارى فيه قال ابن روح‏:‏ وهذا يدل على أن المعافى كان له أنس بسائر العلوم‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا ابن ثابت قال‏:‏ أنشدنا أبو الطيب الطبري قال‏:‏ أنشدنا المعافى بن زكريا لنفسه‏:‏ ألا قل لمن كان لي حاسدًا أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله لأنك لم ترض لي ما وهب فجازاك عني بأن زادني وسد عليك وجوه الطلب توفي المعافى في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

أمة السلام بنت القاضي أبي بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة وتكنى أم الفتح ولدت سنة ثمان وتسعين ومائتين في رجب وسمعت محمد بن إسماعيل البصلاني ومحمد بن الحسين بن حميد بن الربيع‏.‏

روى عنها الأزهري والتنوخي وأبو يعلى ابن الفراء وغيرهم‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ سمعت الأزهري والتنوخي وذكرا أمة السلام بنت أحمد القاضي فأثنيا عليها حسنًا ووصفاها بالديانة والعقل والفضل‏.‏

توفيت في رجب هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن القادر بالله جلس للحاج الخراسانية وأعلمهم أنه قد جعل الأمير أبا الفضل ابنه ولي عهده ولقبه الغالب بالله وقرئت عليهم الكتب المنشأة بذلك وحضر الأشراف والقضاة والشهود والفقهاء وكان لهذا الولد يومئذ ثماني سنين وأربعة أشهر وأيام وكتب إلى البلاد أن يخطب له بعده‏.‏

وكان السبب في هذه العجلة أن عبد الله بن عثمان الواثقي من ولد الواثق كان من الشهود وكانت إليه الخطابة فحدث بينه وبين القاضي أبي علي التنوخي وحشة فقيل له‏:‏ لو استصلحته فقال‏:‏ أنا مفكر كيف أطفئ شمع هذا الملك وآخذ ملكه‏.‏

ثم اتفق أنه خرج إلى خراسان واستغوى بعض السلاطين واتفق هو ورجل آخر كبير القدر على أن افتعلا كتابًا عن الخليفة بتقليد الواثقي العهد بعده فخطب له بعد القادر وكتب إلى القادر فغاظه ذلك ورتب أبا الفضل في ولاية العهد وأثبت فسق الواثقي ثم قدم بغداد مستخفيًا ثم انحدر إلى البصرة ثم مضى إلى فارس وبلاد الترك ونفذت كتب القادر تتبعه فهرب إلى خوارزم ثم قصد بعض وفي يوم الجمعة الخامس من جمادى الآخرة توفي القاضي أبو الحسن عبد العزيز ابن أحمد الخرزي وأقر ابنه أبو القاسم على عمله وقرئ عهده بذلك في يوم الإثنين لليلة بقيت منه ثم صرف بعد مديدة قريبة‏.‏

وفي يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة ولد الأمير أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله وهو القائم

في هذه السنة‏:‏ حج بالناس أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوي‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات أبو الفضل ابن حنزابة الوزير ولد في ذي الحجة سنة ثمان وثلثمائة ونزل مصر وتقد الوزارة لأميرها كافور وكان أبوه وزير المقتدر وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي وطبقته من البغداديين‏.‏

وكان يذكر أنه سمع من البغوي مجلسًا ولم يكن عنده فكان يقول‏:‏ من جاءني به أغنيته وكان يملي الحديث بمصر فخرج إليه الدارقطني وأقام عنده مدة فصنف له المسند وحصل له من جهته مال كثير وروى عنه الدارقطني في كتاب المدبج وغيره أحاديث‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني محمد بن أحمد اللخمي بالأنبار قال‏:‏ أنشدني أبو القاسم عمر بن عيسى المسعودي بمصر قال‏:‏ أنشدنا الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات ابن حنزابة لنفسه‏:‏ من أخمل النفس أحياها وروحها ولم يبت طاويًا منها على ضجر إن الرياح إذا هبت عواصفها فليس ترمي سوى العالي من الشجر توفي جعفر في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

الحسين بن أحمد بن الحجاج أبو عبد الله الشاعر كان من أولاد العمال والكتاب وكانت إليه حسبة بغداد في أيام عز الدولة فاستخلف عليها ستة أنفس كلهم لا خير فيه ثم تشاغل بالشعر وتفرد بالسخف الذي يدل على خساسة النفس فحصل الأموال به وصار ممن يتقى لسانه وحمل إليه صاحب مصر عن مديح مدحه به ألف دينار مغربية وقد أفرد أبو الحسن الرضي من شعره ما خلا عن السخف وهو شعر حسن‏.‏

أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد الصائغ أنبأنا أبو علي محمد بن وشاح قال‏:‏ أنشدنا أبو عبد الله قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحًا فقلت ما لي وما للعيد والفرح قد كان داء الهوى لم تمس نازلة بعقوتي وغراب البين لم يصح أيام لم يخترم قربي المنون ولم يغد الصباب على شملي ولم يرح فاليوم بعدك قلبي غير منفسح لما يسر وصدري غير منشرح وطائر نام في خضراء مؤنقة على شفا جدول بالعشب متشح بالعمر من واسط والليل ما هبطت فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح بكى وناح ولولا أنه شجن بشجو قلبي المعنى فيك لم ينح بيني وبينك وعد ليس يخلفه بعد المزار وعهد غير مطرح فما ذكرتك والأقداح دائرة إلا مزجت بدمعي باكيًا قدحي ولا سمعت لصوت فيه ذكر نوى ألا عصيت عليه كل مقترح توفي ابن الحجاج بالنيل في جمادى الآخرة من هذه السنة ورثاه الرضي بقوله‏:‏ نعوه على ضن قلبي به فلله ماذا نعى الناعيان ليبك الزمان طويلًا عليك فقد كنت خفة روح الزمان ورآه أبو الفضل ابن الخازن في المنام بعد موته فقال‏:‏ ما صنع الله بك فقال‏:‏ أفسد حسن مذهبي في الشعر سوء المذهب وحملي الجد على ظهر حصان اللعب لم يرض مولاي علي بسب أصحاب النبي وقال لي ويلك يا أحمق لم لم تتب من بغض قوم من رجا ولاءهم لم يخب رمت الرضى جهلًا بما أصلاك نار اللهب عبد العزيز بن أحمد أبو الحسن الخرزي القاضي كان يقضي بالمخرم وحريم دار الخلافة وباب الأزج والنهروانات وطريق خراسان وكان على مذهب داود الأصفهاني وتقدم إليه وكيلان في خصومة فاحتكما فبكى أحدهما فقال القاضي‏:‏ أرني الوكالة فأراه إياها فتأملها ثم قال‏:‏ ما رأيت فيها أنه جعل إليك أن تبكي عنه فنهض الوكيل وضحك الحاضرون‏.‏

عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو القاسم ولد في رمضان سنة اثنتين وثلثمائة وزر أبوه المعلوم فضله ونظر هو للطائع وكتب له وروى عن البغوي وابن أبي داود وابن صاعد وابن دريد وغيرهم وروى عنه الأزهري والخلال والصيمري وغيرهم‏.‏

وكان ثبت السماع صحيح الكتاب وأملى الحديث وكان عارفًا بالمنطق فرموه بشيء من مذهب الفلاسفة‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن ثابت قال‏:‏ أنشدني أبو يعلى ابن الفراء قال‏:‏ أنشدنا عيسى بن الوزير علي بن عيسى لنفسه‏:‏ رب ميت قد صار بالعلم حيا ومبقى قد حاز جهلًا وغيا فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودًا لا تعدوا الحياة في الجهل شيا أخبرنا محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال‏:‏ انقطعت عن زيارة أبي القاسم عيسى بن علي ثم قصدته فلما نظر إلي قال‏:‏ رأيت جفاء الدهر لي فجفوتني كأنك غضبان علي مع الدهر قال‏:‏ وخرج إلينا يومًا فقال‏:‏ الله بيننا وبين علي بن الجهم فقلت‏:‏ من هو علي بن الجهم قال الشاعر‏:‏ قلت ورآه سيدنا قال‏:‏ لا ولكن له بيت أذانا به وأنشدنا هذا‏:‏ ولا عار إن زالت عن الحر نعمة ولكن عارًا أن يزول التجمل توفي عيسى في هذه السنة ودفن في داره‏.‏

 ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن العوام ثاروا في يوم الإثنين سابع ربيع الآخر بالنصارى فنهبوا البيعة بقطيعة الدقيق وأحرقوها فسقطت على جماعة من المسلمين رجالًا وصبيانًا ونساء فهلكوا‏.‏

وفي شعبان قبض على الموفق أبي على الحسن بن محمد بن إسماعيل وحمل إلى القلعة‏.‏

وفي رمضان عظمت الفتنة ببغداد وكثرت العملات وانتشر الدعار‏.‏

وفي ليلة الأربعاء لثمان بقين من رمضان طلع كوكب الذؤابة‏.‏

وفي ليلة الإثنين ثالث ذي القعدة انقض كوكب كضوء القمر ليلة التمام ومضى الضياء وبقي وفي يوم الثلاثاء الحادي عشر منه تكامل دخول الخراسانية بغداد وعبروا بأسرهم إلى الجانب الغربي ثم توقفوا عن التوجه نحو البلاد لفساد الطريق وانتشار العرب وعادوا إلى بلادهم وبطل الحج من المشرق في هذه السنة‏.‏

وفي يوم الإثنين التاسع من ذي الحجة ولد الأمير أبو الحسن وأبو علي الحسين ابنا بهاء الدولة توأمين فعاش أبو الحسين بضع سنين ومات وبقي أبو علي وملك الإمرة بالحضرة فلقب مشرف الدولة‏.‏

وزاد أمر العيارين والفساد ببغداد وكان فيهم من هو عباسي وعلوي فواصلوا العملات وأخذوا الأموال وقتلوا وأشرف الناس معهم على خطة صعبة فبعث بهاء الدولة عميد الجيوش أبا علي بن استاذ هرمز إلى العراق ليدبر أمورها فدخلها يوم الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة فزينت له بغداد خوفًا منه فكان يقرن بين العباسي والعلوي ويغرقهما نهارًا وغرق جماعة من حواشي الأتراك ومنع السنة والشيعة من إظهار مذهب ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الشيعة عن البلد فقامت هيبته في النفوس‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أبو القاسم المعدل من أهل الجانب الشرقي حدث عن ابن دريد وابن الأنباري والكوكبي وغيرهم قال حمزة بن محمد بن طاهر‏:‏ كان ثقة وقال الخطيب‏:‏ كان يلحق سماعه‏.‏

وقال ابن أبي الفوارس‏:‏ كان فيه تساهل في الحديث والدين توفي في محرم هذه السنة ودفن بالخيزرانية‏.‏

عثمان بن جني أبو الفتح الموصلي النحوي اللغوي أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت قال‏:‏ عثمان بن جني له كتب مصنفة في علم النحو أبدع فيها وأحسن منها التلقين واللمع والتعاقب في العربية وشرح القوافي والمذكر والمؤنث وسر الصناعة‏.‏

والخصائص وغير ذلك وكان يقول الشعر ويجيد نظمه وأبوه جني كان عبدًا روميًا مملوكًا لسليمان بن فهد بن أحمد الأزدي الموصلي‏.‏

وأنشدني يحيى بن علي التبريزي لعثمان بن جني‏:‏ فان أصبح بلا نسب فعلمي في الورى نسبي على أني أؤول إلى قروم سادة نجب قياصرة إذا نطقوا ارم الدهر في الخطب سكن ابن جني بغداد ودرس بهاالعلم إلى أن مات وكانت وفاته ببغداد على ما ذكر أحمد بن علي التوزي في يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة‏.‏

علي بن عبد العزيز أبو الحسن الجرجاني القاضي بالري سمع الحديث الكثير وترقى في العلوم فأقر له الناس بالتفرد وله أشعار حسان‏.‏

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا عبد الله بن علي بن حمويه أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال‏:‏ أنشدني القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه‏:‏ يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا رجلًا عن موقف الذل أحجما أرى الناس من داناهم هان عندهم ومن أكرمته عزة النفس أكرما ولم اقض حق العلم إن كان كلما بدا طمع صيرته لي سلما إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ولكن نفس الحر تحتمل الظما ولم ابتذل في خدمة العلم مهجتي لأخدم من لاقيت لكن لأخدما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهان ودنسوا محياه بالأطماع حتى تجهما أنشدنا أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي قال‏:‏ أنشدني أبو يوسف القزويني قال‏:‏ أنشدني والدي قال أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه‏:‏ إذا شئت أن تستقرض المال منفقًا على شهوات النفس في زمن العسر فسل نفسك الإقراض من كنز صبرها عليك وإنظارًا إلى زمن اليسر فان فعلت كنت الغني وإن أبت فكل منوع بعدها واسع العذر أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا سعد بن علي الزنجاني كتابة من مكة قال‏:‏ أنشدني عبد الله بن محمد بن أحمد الواعظ قال أنشدني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه‏:‏ ما تطعمت لذة العيش حتى صرت للبيت والكتاب جليسا ليس شيء أعز عندي من العل م فلم أبتغي سواه أنيسا إنما الذل في مخالطة النا س فدعهم وعش عزيزًا رئيسا توفي علي بن عبد العزيز الجرجاني في هذه السنة بالري وحمل تابوته إلى جرجان فدفن بها‏.‏

أبو بكر الدقاق الشافعي وكان ينوب في القضاء عن أبي عبد الله الحسين بن هارون الضبي وكانت فيه دعابة فحكي أنه دخل الحمام بغير مئزر فبلغ ذلك الضبي فظن أنه فعله لفقره فبعث إليه ميازر كثيرة فرئي بعد ذلك في الحمام بغير مئزر فسأله الضبي عن سبب فعله فقال‏:‏ يا سيدي يأخذني به ضيق النفس توفي الدقاق في هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن عميد الجيوش منع أهل الكرخ وباب الطاق في عاشوراء من النوح في المشاهد وتعليق المسوح في الأسواق فامتنعوا ومنع أهل باب البصرة وباب الشعير من مثل ذلك فيما نسبوه إلى مقتل مصعب بن الزبير بن العوام‏.‏

وقبض بهاء الدولة على وزيره أبي غالب محمد بن خلف يوم الخميس لخمس بقين من المحرم وفي هذا الشهر قبض مهذب الدولة أبو الحسن علي بن نصر على سابور بن أردشير لأمر اتهمه به فأقام في الاعتقال إلى أن ملك البطيحة أبو العباس بن واصل فأطلقه‏.‏

وفي أوائل صفر غلت الأسعار عدمت الحنطة وبلغ الكر من الحنطة مائة وعشريين دينارًا‏.‏

وفي هذه السنة مضى عميد الجيوش إلى النجمي ومضى إلى سورا واستدعى سند الدولة أبا الحسن علي بن مزيد وقرر عليه أربعين ألف دينار في كل سنة عن بلاده وأقره عليها‏.‏

ذكر من توفى في هذه السنة من الأكابر إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد أبو إسحاق الطبري قرأ القرآن وسمع الكثير من الحديث وكان فقيهًا على مذهب مالك من المعدلين وكان شيخ الشهود ومقدمهم وكان كريمًا مفضلًا على أهل العلم خرج له الدارقطني خمسمائة جزء وعليه قرأ الرضي القرآن فقال له يومًا‏:‏ أيها الشريف أين مقامك فقال‏:‏ في دار أبي بباب محول فقال له مثلك لا يقيم بدار أبيه ونحله الدار التي بالبركة في الكرخ فامتنع الرضي وقال‏:‏ لم أقبل من غير أبي قط شيئًا فقال له‏:‏ حقي عليك أعظم لأني حفظتك كتاب الله فقبلها‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ حدثني علي بن أبي علي المعدل قال‏:‏ قصد أبو الحسين بن سمعون أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري ليهنئه بقدومه من البصرة فجلس في الموضع الذي جرت عادة أبي إسحاق بالجلوس فيه لصلاة الجمعة من جامع المدينة ولم يكن وافى فلما جاء والتقيا قام إليه وسلم عليه وقال له بعد أن جلسا‏:‏ الصبر إلا عنك محمود والعيش إلا بك منكود ويوم تأتي سالمًا غانمًا يوم على الأخوان مسعود مذ غبت غاب الخير من عندنا وإن تعد فالخير مردود توفي الطبري في هذه السنة‏.‏

إدريس بن علي بن إسحاق بن يعقوب أبو القاسم المؤدب‏.‏

ابن زنجويه كان يسكن الحربية وحدث عن أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي وأبي بكر بن الأنباري وقرأ على ابن شنبوذ روى عنه الأزهري والطناجيري وكان ثقة مأمونًا توفي في رمضان هذه السنة‏.‏

الحسن بن القاسم بن محمد بن يحيى ولد سنة إحدى وثلثمائة وحدت عن ابن أبي داود وابن مجاهد روى عنه الخلال والأزهري وكان ثقة‏.‏

وتوفي في رمضان هذه السنة وبعضهم يقول في سنة اثنتين وتسعين ودفن في مقبرة باب حرب‏.‏عبد الكريم الطائع لله أمير المؤمنين ابن المطيع لله قد ذكرنا كيف قبض عليه بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة وكيف خلع واعتقل وحمل إلى دار المملكة ونفذ إلى القادر الكتاب عليه بخلعه نفسه ثم سلم بعد ذلك إلى القادر فأقام عنده إلى أن توفي ليلة عيد الفطر من هذه السنة وقد بلغ ستًا وسبعين سنة وكانت خلافته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وأيامًا وصلى عليه القادر وكبر خمسًا وحمل إلى الرصافة فدفن فيها وشيعه الأكابر والخدم ورثاه الرضي فقال‏:‏ أي طود لك من أي جبال لقحت أرض به بعد حيال ما رأى حي نزار قبلها جبلًا سار على أيدي الرجال وإذا رامى المقادير رمى لد روع المرء أعوان النصال أيها القبر الذي أمسى به عاطل الأرض جميعًا وهو حالي عز من أمسى مفدى ظهره أخذ الأهبة يومًا للزيال لا أرى الدمع كفاء للجوى ليس إن الدمع من بعدك غالي وبرغمي أن كسوناك الثرى وفرشناك زرابي الرمال وهجرناك على ضن الهوى رب هجران على غير تقالي لا تقل تلك قبور إنما هي أصداف على غر لآلي عثمان بن محمد بن أحمد بن العباس أبو عمر والقارئ المخرمي سمع إسماعيل الصفار والبرذعي والخلدي وسمع الكثير من الأصم وروى حديثًا عن ابن شاهين فدلسه فقال‏:‏ حدثنا عمر بن أحمد النقاش فقال له ابن شاهين‏:‏ أنا نقاش فقال‏:‏ ألست تنقش الكتاب بالخط روى عنه العتيقي وقال‏:‏ شيخ ثقة من أهل القرآن وكان حسن الصوت بالقرآن مع كبر سنه وتوفي بالدينور في هذه السنة‏.‏

كوهي بن الحسن بن يوسف بن يعقوب أبو محمد الفارسي روى عنه الأزجي و الصيمري وكان ثقة وتوفي في شوال هذه السنة‏.‏

أبو الحسن الصيرفي سمع أبا عمرو بن السماك وغيره وروى عنه عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي وتوفي في يوم السبت سابع رمضان هذه السنة‏.‏

محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا أبو طاهر المخلص ولد سنة خمس وثلثمائة وسمع البغوي وابن صاعد وخلقًا كثيرًا وأول سماعه في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة‏.‏

روى عنه البرقاني والأزهري والخلال والتنوخي وغيرهم وكان ثقة من الصالحين وتوفي في رمضان هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة‏.‏

محمد بن عبد الله أبو الحسن السلامي الشاعر وله شعر مليح منه قوله في الدرع‏:‏ يا رب سابغة حبتني نعمة كافأتها بالسوء غير مفند أضحت تصون عن المنايا مهجتي وظللت أبذلها لكل مهند ومدح عضد الدولة بقصيدة يقول فيها‏:‏ وبشرت آمالي بملك هو الورى ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر ميمونة بنت ساقولة الواعظة أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدي قال‏:‏ أخبرني أبي قال‏:‏ سمعت ميمونة بنت ساقولة الواعظة تقول‏:‏ هذا قميصي اليوم له سبع وأربعون سنة ألبسه وما تخرق غزلته لي أمي وصبغته بماء السنابك الثوب إذا لم يعص الله فيه لم يتخرق سريعًا‏.‏

وسمعتها تقول‏:‏ آذانا جار لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت‏:‏ اللهم اكفنا أمره ثم نمت ففتحت عيني فرأيت النجوم مصطفة فقرأت‏:‏ ‏{‏فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم‏}‏‏.‏

فلما كان سحر قام ذلك الإنسان لينزل فزلقت قدمه فوقع فمات‏.‏

وأخبرني ابنها عبد الصمد قال‏:‏ كان في دارنا حائط له جوف فقلت لها‏:‏ استدعي البناء فقالت‏:‏ هات رقعة والدواة فناولتها فكتبت فيها شيئًا وقالت‏:‏ دعه في نقب منه‏.‏

ففعلت فبقي الحائط نحوًا من عشرين سنة فلما ماتت ذكرت ذلك القرطاس فقمت فأخذته لأقرأه فوقع الحائط وإذا فيه مكتوب‏:‏ ‏{‏إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا‏}‏ بسم الله ياممسك  ثم دخلت سنة أربع وتسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى قلده بهاء الدولة قضاء القضاة والحج والمظالم ونقابة الطالبيين وكان التقليد له بشيراز وكتب له منها عهد على جميع ذلك ولقب بالطاهر الأوحد ذي المناقب فلم ينظر في قضاء القضاة لامتناع القادر بالله من الإذن له وترددت في هذا أقوال انتهت إلى الوقوف‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوي وكان في جملة الحاج أبو الحسين بن الرفاء وأبو عبد الله بن الزجاجي وكانا من أحسن الناس قراءة فاعترض الحاج الأصيفر المنتفقي وحاصرهم بالباطنة وعول على نهبهم فقالوا‏:‏ من يمضي إليه ويقرر معه شيئًا نعطيه فندبوا أبا الحسين بن الرفاء وأبا عبد الله الزجاجي فدخلا إليه وقرءا بين يديه فقال لهما‏:‏ كيف عيشكما ببغداد فقالا‏:‏ نعم العيش يصلنا من أهلنا الخلع والصلات والهدايا فقال‏:‏ هل وهبوا لكما ألف ألف دينار في صرة فقالا‏:‏ لا ولا ألف دينار في موضع فقال لهما‏:‏ قد وهبت لكما الحاج وأموالهم ذلك يزيد على ألف ألف دينار فشكروه وانصرفوا من عنده ووفى للحاج بذلك وحجوا ولما قرءا بعرفات على جبل الرحمة قال أهل مكة وأهل مصر والشام‏:‏ ما سمعنا عنكم يا أهل بغداد تبذيرًا مثل هذا يكون عندكم مثل هذين الشخصين فتستصبحوا بهما معًا فإن هلكا فبأي شيء تتجملون كان ينبغي أن تستصحبوا كل سنة واحدًا ولما حجوا عول الأمير على ترك زيارة المدينة واعتذر بقعود الأعراب في طريقه وما يلزمه من الخفارات عند تعويقه فتقدما الحاج ووقفا عند الجبل الذي عند يسار الراجع من مكة ويرى من بعيد كأنه عنق طائر ومنه يعدل القاصد من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ويسير في سبخة من ورائها صفينة فقرأ ‏{‏ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه‏}‏ فعند ذلك ضج الناس بالبكاء ولوت الجمال أعناقها نحوهما وقصد بهم الأمير المدينة ولما ورد أبو الحسين بن بويه بغداد أخذ هذين القارئين ومعهما أبو عبد الله بن البهلول وكان قارئًا محسنًا فرتبهم لصلاة التراويح به وهم أحداث وكانوا يتناوبون الصلاة ويأتم بهم ورغب لأجلهم في صلاة التراويح‏.‏

وكان أبو الحسين بن الرفاء تلميذ أبي الحسن بن الخشاب وكان ابن الخشاب مليح الصوت حسن التلاوة وأنه قرأ في جامع الرصافة في بعض الليالي الأحياء ‏{‏ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله‏}‏ فتواجد صوفي وقال‏:‏ بلى قد آن ثم جلس وبكى طويلًا ثم سكت سكتة طالت فحرك فإذا به ميت وكان ابن الخشاب تلميذ أبي بكر بن الآدمي الموصوف بطيب التلاوة‏.‏

وجرى مثل هذا لأبي عبد الله ابن البهلول قال‏:‏ فأنبأنا أحمد بن علي ابن المحاملي قال‏:‏ سمعت أبا الحسين محمد بن علي ابن المهتدي يقول‏:‏ قرأ أبو عبد الله ابن البهلول يومًا في دار القطان في الجامع بعد الصلاة يوم الجمعة ‏{‏ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله‏}‏ فقام رجل من أهل عكبرا فقال له‏:‏ كيف قرأت يا أبا عبد الله فرد عليه فقال الرجل‏:‏ بلى والله فسقط ميتًا‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الحسن بن محمد بن إسماعيل أبو علي الاسكافي الموفق كان متقدمًا عند بهاء الدولة أبي نصر فولاه بغداد فقبض على اليهود وأخذ منهم دنانير وهرب إلى البطيحة فأقام بها سنتين ثم خرج منها فوزر لبهاء الدولة وكان شهمًا في الحروب منصورًا فيها فأخذ بلاد فارس ممن استولى عليها وارتفع أمره حتى قال قائل لبهاء الدولة‏:‏ زينك الله يا مولانا في عين الموفق فبالغ في عقوبته ثم قتله في هذه السنة وله تسع وأربعون سنة‏.‏

أبو أحمد المؤدب حدث عن أبي بكر النيسابوري وابن مجاهد روى عنه الأزهري والعتيقي وقال‏:‏ هو ثقة مأمون‏.‏

توفي في رجب هذه السنة ودفن في مقبرة معروف وكان ينزل درب الآجر من نهر طابق‏.‏

 ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه ورد في ليلة الخميس لسبع بقين من المحرم أوائل الحاج من مكة بعد أن اعتاقهم ابن الجراح الطائي في طريقهم ولزمهم تسعة آلاف دينار مضافة إلى رسم الأصيفر الذي يقوم به بدر بن حسنويه وقد سبق ذكر ذلك‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ حج بالناس جعفر بن شعيب السلار ولحقهم عطش في طريقهم فهلك خلق كثير ولحق قوم منهم الحج‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الجبني من أهل بخارى روى عنه الأزهري وكان أحد الفقهاء على مذهب أبي حنيفة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

الحسين بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أبي عائذ أبو القاسم الكوفي ولدسنة سبع وعشرين وثلثمائة وسمع من جماعة وروى عنه أبو القاسم التنوخي فقال‏:‏ كان ثقة كثير الحديث جيد المعرفة وولي القضاء بالكوفة من قبل أبي وكان فقيه على مذهب أبي حنيفة وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء قيمًا بذلك وكان زاهدًا عفيفًا توفي في صفر هذه السنة

عبد الله بن محمد بن جعفر بن قيس أبو الحسين البزاز سمع محمد بن مخلد وأبا الحسين بن المنادي وأبا العباس بن عقدة روى عنه العتيقي وقال‏:‏ توفي في شوال هذه السنة وكان ثقة‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن جعفر أبو نصر البخاري المعروف الملاحمي ولد سنة اثنتي عشرة وثلثمائة وقدم بغداد وحدث بها عن محمود بن إسحاق عن البخاري وروى عن الهيثم بن كليب وغيره وسمع منه الدار قطني وكان من أعيان أصحاب الحديث وحفاظهم وتوفي ببخارى يوم السبت السابع من شعبان هذه السنة‏.‏

محمد بن أبي إسماعيل واسمه علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم أبو الحسن العلوي ولد بهمذان ونشأ ببغداد وكتب الحديث عن جعفر الخلدي وغيره وسمع بنيسابور من الأصم وغيره ودرس ببغداد وكتب الحديث عن جعفر الخلدي‏.‏ودرس فقه الشافعي عن أبي علي بن أبي هريرة وسافر إلى الشام وصحب الصوفية وصار كبيرًا فيهم وحج مرات على الوحدة وتوفي ببلخ في محرم هذه السنة‏.‏